أردوغان يصارع "طواحين السوق" عشية انتخابات مبكرة

أردوغان يصارع "طواحين السوق" عشية انتخابات مبكرة


30/05/2018

لورا بيتل - إعداد: منال نحاس

تذهب دعابة في أوساط الخبراء الاقتصاديين الأتراك إلى أن الليرة التركية هي، اليوم، قوة المعارضة الوحيدة الصامدة في وجه أردوغان. ولا شك في أنها خصم هائل. وبعد أسابيع من مقاومة وقف تدهور سعر العملة، اضطر الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الصدوع بقوة الأسواق والسماح للبنك المركزي برفع معدلات الفائدة. فالليرة خسرت 20 في المئة من قيمتها أمام الدولار منذ مطلع العام. ولكن هذه الدعابة ليست في محلها. فعلى رغم أن صورة أردوغان في الخارج هي صورة ديكتاتور، يستمد أردوغان مشروعيته من صناديق الاقتراع لتسويغ حكمه الاستبدادي. واضطرابات الأسابيع الأخيرة وقعت قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة في 24 حزيران (يونيو) المقبل. وفوز أردوغان يعبد الطريق أمام بلوغه حلمه: تبوء مكانة أبرز قائد في تركيا المعاصرة منذ عهد مؤسسها، مصطفى كمال أتاتورك. ولذا، سعت الرئاسة التركية سعياً غير مسبوق إلى الحؤول دون ارتفاع سعر الفائدة، على رغم أن مثل هذا الارتفاع مست الحاجة إليه من أجل كبح التضخم ودعم الليرة. وكان راء مساعي الرئاسة التركية الخوف من نتائج ارتفاع الفوائد: زيادة كلفة الرهونات وفواتير (سندات) بطاقات الائتمان قبل أسابيع من الانتخابات.

والحق يقال الخليط الهش بين الشعبوية الانتخابية وارتفاع سعر الدولار أودى بالبلاد إلى شفير أزمة العملة. فهاجس الرئيس التركي هو النمو، ولطالما لفظ أسعار الفائدة المرتفعة واعتبر أنها «تنفخ في ثراء الأثرياء وتفاقم فقر الفقراء»، ودرج على معاداة المصرف المركزي التركي. وقبل اضطراره إلى قبول رفع الفوائد، أعلن أردوغان أن «أعداء تركيا» هم وراء المضاربة في سوق العملات. وحمل شده الحبال مع المسؤولين الماليين والتزامه سياسة حافة الهاوية، بعض المستثمرين على القلق من نزول ضرر دائم بالاقتصاد التركي- ونموه كان مطرداً في معظم العقد السابق- جراء رغبته في الإمساك بمقاليد الاقتصاد كله والإطباق عليه. وتحذر فينيكس كالن، خبيرة في استراتيجيات الأسواق النامية في «سوسيتيه جنرال»، من توالي الكوابيس في تركيا وكر سبحتها، إذا لم تتغير وجهة القيادة السياسية فيها، وترى أن بلوغ المعارضة الرئاسة قد يحسن قيمة الليرة.

وتعود حوادث الأسبوع الماضي الدراماتيكية في تركيا إلى مباغتة أردوغان البلاد في 18 نيسان (أبريل) المنصرم، حين إعلانه أن الانتخابات ستُنظم قبل عام ونصف من موعدها. وهو سوغ قراره بالقول إن ما يترتب على حوادث سورية والعراق هو انتقال تركيا السريع إلى نظام حكم جديد يُرسى إثر الاقتراع، فيُلغى دور رئيس الوزراء وتُحكم قبضة الرئيس وصلاحياته. ووراء الأبواب المغلقة، يقر أعضاء الحزب الحاكم، حزب العدالة والتنمية، أنهم يخشون الخسارة إذا لم يقدم موعد الانتخابات وبقيت في موعدها في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019. وبدأ عقد قاعدة الحزب الحاكم ينفرط. فثمة مجموعات نأت بنفسها عنه إثر انتهاجه حكم يفرق ولا يجمع، وإثر سجنه المعارضين وتخوين منتقديه. وبعض الإحصاءات أشارت إلى أن أردوغان قد يخسر الغالبية البرلمانية ويضطر إلى مواجهة نهائية في السباق الرئاسي.

وتدق مؤشرات ناقوس الخطر، وتشير إلى تدهور صحة الاقتصاد التركي- وهذا كان ركن شعبية «حزب العدالة والتنمية» الأبرز. فالنمو بلغ العام الماضي 7.4 في المئة. ولكن التحفيزات الحكومية المالية التي أوقفت التراجع الاقتصادي، إثر محاولة الانقلاب العنيفة في تموز (يوليو) 2016، فاقمت التضخم فارتفع فوق عتبة العشرة، وتوسعت هوة العجز التجاري. ودعا صندوق النقد الدولي إلى التهدئة وتقويم الخلل في التوازن.

عن "فايننشل تايمز" البريطانية - عن "الحياة"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية