لأول مرة في تاريخ القضاء المصري.. إنذار طاعة لرجل بسبب "النشوز" يثير الجدل

لأول مرة في تاريخ القضاء المصري.. إنذار طاعة لرجل بسبب "النشوز" يثير الجدل


29/08/2022

لأول مرة في تاريخ القضاء المصري، تقدمت زوجة، بإنذار طاعة ضد زوجها متهمة إياه بـ "النشوز"، في سابقة استثنائية، فالمعتاد هو تقديم الزوج طلباً في المحكمة يفيد بنشوز الزوجة، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في الوسط القضائي والحقوقي المصري، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.

وكشفت إيمان محسن، المحامية التي فجّرت القضية المثيرة للجدل، خلال تصريحات لصحيفة "أخبار اليوم" المصرية تفاصيل القضية، موضحة أنّها أرسلت إنذاراًبـ "نشوز الزوج؛ لأنه طردها من مسكن الزوجية، وفرّق بين أولادها وأخذ الأولاد وترك لها البنات".

وأضافت أنّ الرجل عندما يطلب زوجته للطاعة تكون في منزل أو بيت، إلا أنّ هذا الزوج أرسل إنذاراً لزوجته على بيت وهمي غير التي أنجبت فيه أولادها.

وقالت إيمان: من المعتاد أن يكون إنذار الطاعة للست، وهذا ما جرى عليه العرف، ولكن لم يقرأ أحد أنه جاء في الشرع أنّ هناك نشوزاً للرجل على غرار السيدة، وهذا كما جاء في الآية (186) من سورة النساء.

وأشارت إلى أنّ النشوز هو "الخروج عن المألوف"، موضحة أنه "بين كل زوجين حقوق وواجبات ومن يخرج منهما عن هذا يعد ناشزاً، وورد عن الأئمة الأربعة أنه تم إثبات نشوز الزوج، وكان يؤدبه القاضي، حال إثبات النشوز".

ومن ناحية أخرى، بينت المحامية إيمان محسن، أنه "للزوج أن يؤدب زوجته الناشز بالوعظ ثم الهجر ثم الضرب الخفيف، ولكن الزوجة لا يحق لها تأديب زوجها الناشز".

وأكملت إيمان محسن أنها عدّدت في إنذار الطاعة وجوه النشوز عند الزوج منها؛ "التفرقة بين الأولاد، الطرد من المسكن الزوجي الشرعي، إضرار الزوجة بالإهانة والأذى النفسي والحرمان من أهلها، والبخل في الإنفاق".

وتابعت حديثها موضحة أنها طلبت منه في النهاية الحل الودي، وهو الطلاق خلال (15) يوماً مقابل تنازلها عن حقوقها الشرعية، وأن يترك أولادها في بيت الحضانة ويترك لهم النفقة الشهرية التي يرتضيها للإنفاق على أولاده، وأن يكون ملزماً بمصاريف المدرسة.

 

المحامية إيمان محسن: بين كل زوجين حقوق وواجبات ومن يخرج منهما عن هذا يعد ناشزاً، وورد عن الأئمة الأربعة أنه تم إثبات نشوز الزوج، وكان يؤدبه القاضي حال إثبات النشوز

 

وأكدت أنّ "هناك تبعات للإنذار، حيث يتم مطالبة جهات معينة بتشريع نص يثبت نشوز الزوج، حيث يوجد الكثير من الرجال الذين يفتقدون الوعي الأسري؛ إذ يكون الزوج متسلطاً غير مدرك للخطأ الذي يقوم به وأنه يهدم أسرته، ولذا لا بد من قانون يقوّم الرجل ويثنيه عن نشوزه"، مردفة "يكون له كبير يمنعه من التعسف في استخدام حقه كرجل".

وواصلت المحامية حديثها: "أن الإنذار يثبت حسن نية الزوجة وتسهل على القاضي بيان أوجه المشكلة"، لافتة إلى أنها أرفقت مستندات وأدلة، في الإنذار.

وقالت: "لا يوجد نص قانوني يغلف هذا السند الشرعي لإثبات نشوز الزوج، والمشرع أغفله، على الرغم من وجود مساواة في كتاب الله حتى في النشوز بين الرجل والمرأة، ولكن مع ظهور إنذار بنشوز الزوج ربما يتم إثارة الرأي العام"، مؤكدة أنّ "أي قانون عموماً موجود بدأ بفكرة. وأنه لو استخدم هذا الإنذار بالشكل القانوني الصحيح سيحدث تغيير كبير في قانون الأسرة".

وكان الخبر المتداول في وسائل الإعلام المصرية ومواقع التواصل، قد ولّد العديد من الأسئلة التي شغلت الرأي العام، والمختصين في أحوال الأسرة وخبراء القانون، لمعرفة الدافع وراء هذا الإنذار، والأسانيد التي اعتمدت عليها المحامية.

بدون سند قانوني

يرى المستشار عبد الله الباجا، رئيس محكمة استئناف القاهرة، ورئيس محكمة الأسرة السابق، أنه "لا يوجد سند قانوني لهذا الإنذار في الدستور".

وأضاف، خلال تصريح خاص لـ "بوابة أخبار اليوم"، أنّ الراجح في مذهب الإمام أبي حنيفة وجوب الطاعة على الزوجين والوصول للإصلاح بينهما.

وأكد أنّ المحكمة تتعامل بناء على أنه ما لم يرد فيه نص قانوني يرجع إلى الراجح في مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان، وهو محاولة المحكمة الإصلاح بين الزوجين.

وشدد المستشار عبد الله الباجا على أنّ هذا الإنذار "فارغ من مضمونه ولا تعتد به المحكمة ولا يمكن أن يسفر عن نتيجة".

ما هو رأي الأزهر؟ 

أما الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، فقال: إننا مكلفون بتبليغ شريعة الله وأحكام القرآن للناس، مبيناً أنّ هناك بعض الأمور التي وضحها الإسلام لكن لم يُلتفت لها كثيراً ومنها نشوز الزوج. 

ولفت إلى أنّ الرجل قد يكون ناشزاً وسبباً في خراب الأسرة؛ فالنشوز مرض يحدث للزوج والزوجة، مبيناً أنّ القرآن الكريم قد حذر منه وحث على تداركه بكافة الحلول المباحة حتى لا يؤدي إلى دمار الأسرة.

يرى المستشار عبد الله الباجا، رئيس محكمة استئناف القاهرة، ورئيس محكمة الأسرة السابق، أنه لا يوجد سند قانوني لهذا الإنذار في الدستور

وأضاف الطيب، خلال لقاء له على التليفزيون المصري في وقت سابق، أنّ "بعض الأزواج جعلوا الضرب هو العلاج الوحيد للتعامل مع مشكلات الزوجة، والأمر عكس ذلك تماماً، فكل مرة يضربها يُغمس في جهنم، لأن هذا حرام، فضرب الزوجة  أو لطمها أو سبها حرام، فالبيت المسلم هو أسبق من البيت المتحضر الذي يمنع الضرب".

وأوضح أنّ علامات نشوز الزوج كثيرة أهمها: سرعة الغضب لأهون الأسباب، والتحامل على الزوجة وخاصة في بلادنا في أعماق الريف، فضحايا العادات والتقاليد في الكفور والنجوع كثيرة، والإسلام تصدى لهذه العادات منذ  أكثر  من (14) قرناً.

وشدد شيخ الأزهر، على أنه "لابد من علاج لنشوز الزوج مثلما تعاملنا مع نشوز الزوجة، مبيناً أنّ العلاج متساوٍ تماماً مع نشوز الزوجة، فأول شيء تعظه الزوجة، وإذا لم يُجدِ هذا فعليها أن تلجأ إلى القضاء، فالقاضي قد يوجب عليه النفقة ويسقط الطاعة، بمعنى إن طلبها يحق لها الامتناع، كما الوضع في الهجر في المضجع، وإذا لم يجدِ هذا العلاج للقاضي أن يحكم عليه بالضرب، إذا كان القاضي يرى أن هذا الشخص من الشخصيات التي تُردع بهذا، فكان للقاضي في الماضي هيئة تضرب، والآن حل السجن بديلاً".

واستدل الطيب بكلام الشيخ أبو زهرة  في حديثه عن الضرب وقال: "وليس كل النساء يجري عليهن هذا الأمر، كما أن الرجل الكامل لا يرضى لنفسه أن يمد يده على امرأته كما أن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يمد يده على امرأة قط، كما أنه لم يشتم امرأة قط، وعلى المسلمين أن يسمعوا هذا الكلام جيداً، وأنه لم يُعرف ذلك عن الصحابة قط، فمد الإنسان يده على امرأته لا يقدم عليه كريم، وأنا أضيف لا يُقدم عليه إلا لئيم، ويضيف الشيخ أبو زهرة: "وذلك كله في مذهب مالك".

واختتم حديثه بتعقيب الشيخ أبو زهرة على نشوز الزوج حيث قال: "وحبذا لو عومل به في عصرنا أي ضرب الرجال منعاً لشطط بعض الرجال"، مضيفاً أنّ "اعتقاد الزوج أنه حر في أن يعاقب زوجته أو يضربها، اعتقاد خاطئ وليس من الإسلام".

جدل على مواقع التواصل الاجتماعي

ولم يقتصر الجدل حول القضية على الأوساط الحقوقية والتشريعية، إنما تعداه إلى الناشطين على مواقع التواصل حيث تباينت آراؤهم حول ما أقدمت عليه الزوجة.

 لم يقتصر الجدل حول القضية على الأوساط الحقوقية والتشريعية، إنما تعداه إلى الناشطين على مواقع التواصل حيث تباينت آراؤهم حول ما أقدمت عليه الزوجة

ورأت مجموعة من المغردين على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أنّ القرآن الكريم تحدث عن نشوز الزوج كما نشوز الزوجة، وقالت مُغردة: "توجد آيات عددها متساوي عن نشوز الزوج ونشوز الزوجة في القرآن ولكن ولا مرة سمعت رجل دين يتكلم عن عقاب الزوج الناشز".

وأضافت: "شي مضحك تلاعب البعض منهم بآيات رب العالمين وتسخيرها لما يناسبهم".

وقال أحد المغردين: "نشوز الزوج مصطلح شرعي قديم… ويسقط من حقوق الزوج على قدر نشوزه.. فمثلاً يسقط حق الطاعة للزوج إذا كان لا ينفق على زوجته".

وسخر البعض من الخبر، إذ قال مغرد مستغرباً: "نشوز الزوج وكمان إنذار بالطاعة للزوج!".

وقال آخر: "فيه محامية مصرية كانت طلعت من اسبوع عاوزة قانون يبيح إثبات نشوز الزوج".

وأضاف: "عمرك شوفت كده وبيرجعوا يسألوا العنوسة زادت ليه في مصر".

ورأى البعض أنّ هناك فرقاً بين عقوبة نشوز الزوج والزوجة، بسبب اختلافهم من الناحية النفسية، حيث قالت مغردة: "الكثير اعترض على كلام الدكتور عن الزوجة لأنه يختلف عن كلامه عن الزوج وما انتبهوا ان الدكتور ذكر أهم النقاط اللي تخص نفسية كل طرف".

وأضافت: "وهالشي تماماً حصل في القرآن لما الله ذكر كيفية التعامل مع نشوز الرجل والمرأة بطريقتين مختلفتين وفقاً للجانب النفسي لكل منهما". وختمت تغريدتها بالقول: "من الوعي إدراك الاختلاف".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية